فالولد نعمةٌ من نِعم الله على عبادِه، ولا يقدر هذه النعمة حقَّ قدرها إلاَّ مَن فقدَها، فتجِده يبذُل الغاليَ والنَّفيس في بذْل الأسباب التي بِها يحصل الولد، ويركب الصَّعب والذَّلول ويُكْثِر السَّفر والتنقُّل بين الأطبَّاء علَّه يُرْزَق بولد، وقد رغَّب الشَّارع في طلب الولد؛ فعن معقل بن يسار قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم – فقال: إنِّي أصبتُ امرأةً ذاتَ حسبٍ وجَمال، وإنَّها لا تلِد، أفأتزوَّجُها؟ قال: ((لا)) ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثةَ، فقال: ((تزوَّجوا الودود الولود؛ فإنِّي مُكاثر بكم الأمم))؛ رواه أبو داود (2050) بإسناد حسن.
وقدْ شرع الله في حقِّ الولد ما يكفُل نشْأَتَه سويًّا في ما يتعلَّق بدينِه ودُنياه، بل حثَّ على اختِيار الزَّوجة الصَّالحة قبل حُصول الولد؛ لأنَّها موطن الحرث ومحضن التربية.
فمن حقِّ الولَد على والِدِه: اختِيار الاسم الحسن، وأفضله ما يدلُّ على سبب وجود الولَد في الدُّنيا وهي عبوديَّته لله؛ فعن ابن عمر قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إنَّ أحبَّ أسمائِكم إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن))؛ رواه مسلم (2132)، ومن الخطأ الذي يقع فيه البعضُ اختيارُه اسمًا للمولود لا يناسب؛ إمَّا لغرابته أو لِما يَحويه من معانٍ تدلُّ على عدَم الخير أو الغلظة أو العناء أو غير ذلك من المعاني المكروهة للنُّفوس، فالأسماء لها أثرٌ على المسمَّى؛ فعن سعيد بن المسيَّب: أنَّ جدَّه حَزْنًا قدِم على النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم – فقال: ((ما اسمُك؟)) قال: اسمي حَزْنٌ، قال: ((بل أنت سهل)) قال: ما أنا بمغيِّر اسمًا سمَّانيه أبي، قال ابن المسيب: فما زالتْ فينا الحزونة بعد؛ رواه البخاري
وممَّا يُنْهى عنْه: الأسماء التي فيها تزْكية، فقد كان النَّبيُّ يغيِّر الأسماء التي توحي بِهذه المعاني؛ فعن أبِي هُريرة: "أنَّ زيْنب كان اسمها برَّة، فقيل: تزكي نفسها، فسمَّاها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - زينب"؛ رواه البخاري (6192)، ومسلم (2141).
وما اشتهر عند العامَّة: أنَّه لا بدَّ من إراقة دمٍ عند تغْيير الاسم، فلا أصلَ له؛ فقد غيَّر النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أسماء بعض أصحابِه، ولم يأمر أحدًا بذبْح شاة، ولو كان الدمُ واجبًا أو مستحبًّا لبيَّنه النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.
البعض يَختار لولده اسمًا غيْر مناسب إرضاءً لغيْره، لكن تكون التَّبعة على الولد ويتأذَّى بِهذا الاسْم، صغيرًا أو كبيرًا، فلا تُطلب سعادةُ أحد وإرضاؤه على تعاسة غيره.
البعض يُعْجَب بأحد الأحياء؛ إمَّا لعِلمه أو عمله أو منصبِه أو غير ذلك من صفات الكمال، فيختار اسم ولده على اسم هذا الشَّخص، فتتبدَّل الأحوال ويندم على ذلك، فالاعتدال في حبِّ الأحياء مطلبٌ شرْعي، فمن مقولة السَّلف الذين هم خيْر هذه الأمَّة، أبرُّها قلوبًا، وأعمقُها علمًا، وأقلُّها تكلُّفًا، من مقولتهم: إنْ كنتُم لا بدَّ مُقْتَدين فاقتدوا بالميِّت؛ فإنَّ الحيَّ لا يؤمن عليه الفِتْنة، فأحبِبْ حبيبَك هَوْنًا ما عسى أن يكون بغيضَك يومًا ما، وأبغض بغيضَك هوْنً
إشراف المعلمة /فاطمة عكور
مشاركة الطالبة/ فاطمة ناشب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق